لطالما كرهت منتهى الأشياء.. و رقصت دوما على السلالم ؛ لألا تفقد المعاني مرادفاتها

من أجل عزيزي الدِسك !!

الدسك .. صدقا لا أعرف له اسما في العربية .. لكنه هذا الشيء الذي نجلس عليه في الصف الدراسي .. ربما يسمونه درج مثلا .. لا أذكر .. فيه شيئا من تلك الصورةا لتي تقابلكم .. شبه بسيط .. انها تلك القصة عن صفي الدراسي .. حين ذرفت دموعي من أجل الدسك .. حتى الآن لم اعرف إن كان الامر مبالغا فيه .. بالطبع فيه الكثير من المبالغة .. فيه سذاجة كشفتها أمام الجميع .. أو هكذا بدت لمن لم أبدي له أسبابي .. و هم الجميع تقريبا …  عادة لست من ذاك النوع من الفتيات شديدات الحساسية اللائي لن تتكلم معهن إلا و يضعن رؤوهن على أذرعهن و يبدأن بالبكاء .. لم أكن يوما هكذا .. و هذه حتى لا أريدها أن تؤخذ عني .. لأن هؤلاء الفتيات تثيرن أعصابي ..

بدأ الأمر مع بداية العام الدراسي الفائت .. كان كل شيء نظيفا بطريقة ما ..  هكذا البداية دائما نظيفة تماما .. لكن بحلول نهاية العام ستدرك الفرق الشاسع بين ما كان و ما أصبح .. ذلك العام أردت أن أحافظ على دسكي نظيفا و بلا أي رسومات و لا كتابات تعبر عن كم الهلوسات التي نمر بها .. فرضت الأمر على صديقتي الجالسة معي .. لا أعرف هل كوني أريد ديسكا نظيفا يثير استفزاز الأخريات .. حقا لم أعلم ما ما مشكلتهن .. لكني حينها علمت أن مشكلتي ليست مع رفيقة ديسكي فقط .. إنما كل صديقاتي الجالسات أمامي كلما أرادت واحدة أن تحدثني يجب أن تمسك بقلمها و تبدأ  برسم ابداعاتها على دسكي .. ” والله لديك واحدا ” كنت أنزع منهن جميعا أقلامهن .. كانوا يبدون كالمدمنات حين أمنعهن من تشويه دسكي .. كانت هناك العديد من المشاجرات بالطبع ..  و لمدة الشهر و النصف حرصت على ألا  تقرب احداهن درجي أو دسكي أو أيا كان .. كنت أتطلع إليه بفخر و اعتزاز .. لكن كونه الدسك النظيف الوحيد في الصف كله .. بلا أي رتوش بسيطة حتى ..  سعيدة بمجهودي الذي حرصت علي و مبدأي الذي نفذته ..

حتى أتى ذلك اليوم .. و أتت زميلة لي .. بقلم لا يزال حبره لتملألي سطح الدسك بتوقيعها الرائع .. و كلما أبعدت يدها و صرخت أن تكف عن فعل هذا .. مضت  فاعلة المزيد منه .. أنا  أبعد يدها و هي تزيد الشخبطات .. أنا أصرخ و هي تضحك .. انا أصرخ و صديقاتي يضحكن …  أنا تدمع عيني و كلهن يقسمن على أنني مريضة نفسية ..حتى الآن لا اعلم ماذا أفعل ؟ هل اضحك على موقفي هذا ؟ هل أبكي على ضياع مجهودي فيما حاولت جاهدة الحفاظ عليه .. أم أبكي على صديقاتي التي شاركتن الجميع الضحكات ؟!!

حينما أفقت إلى نفسي فسرت موقفي و إصراري هذا في ثلاثة نقاط  :

1 – أنا لا أريد أن تمر معلماتي بدرجي و تجدن منظره لا يليق بفتاة …

2- أردت بالفعل أن أكون مختلفة عن بقيتهم .. أردت حقا أن أحظى بدرج نظيف لعام واحد في عمري ..

3- إذا كان لا بد من الشخبطة على الدسك .. فأنا أولى بهذا من الجميع .. و علي ان أكون أول من يفعلها .. لأن هذا الدسك الخاص بي لو لم يلاحظ أحدكم هذا ..

هناك شيء أدركته من تلك التجربة الغريبة :

لسنا دائما السبب فيما يلحق بنا .. نحن نحاول قدر المستطاع أن نكون طاهرين .. أنقياء .. و نبذل مجهودا فوق المستطاع لنبقى هكذا وسط بيئة لا تعرف الرحمة .. لكنه دائما الدن يسحقنا تحت الأقدام .. يصعب على الجميع أن يروك نقيا ..  يدنسون مملكتك المقدسة … لتصبح منهم أو ربما أسوأ ..

لأن بعد ذلك أتت جميع صديقاتي ترسمن على الدسك و إذا تفوهت بالرفض قالت أن دسكي هو أقل الدسكات نظافة .. فما المشكلة ؟!

طبعا أنا لم اتفوه بهذا لأحد لأعبر له عن سبب موقفي .. لن أقول لهم هذه الكلمات .. سوف يثبت علي الجنون أكثر من المرض النفسي ..  نقاء و دنس .. ههههه

لكني أعتقد أنني لست نادمة ؟ هل ينبغي أن أكون ؟!

في اليوم التالي وجدت أن الدفعة كلها عرفت بهذا الأمر .. طبعا ما لم استطع شرحه لصديقاتي المقربات لن أشرحه للدفعة بأكملها .. 😀 ..

كذلك وجدت آباء صديقاتي قد عرفوا .. كل هذه الأشياء الجميلة حدثت .. تشاجرت مع صديقاتي .. هههههه  و كان هناك الكثير من الصراخ ..” هل تريدي أن يقول لك والدك ألا تصادقي تلك الفتاة المريضة مرة أخرى ؟ ”

غير أن احدى صديقاتي قالت لي أن والدها قال لها فلتأتي صديقتك لترى غرفتك .. سوف تصاب بسكتة قلبية ..  ثم ضحكنا من جديد .. 😀 .. لم أشأ أن اتحدث عن غرفتي أمامهن .. لكن هذه أمور شائعة .. أليس كذلك ( و اغمز لكم بعيني ) 😀

8 تعليقات

  1. موضوعك رائع جداً ،، استمتعت كثيراً بقراءته !

    ” لسنا دائما السبب فيما يلحق بنا .. نحن نحاول قدر المستطاع أن نكون طاهرين .. أنقياء .. و نبذل مجهودا فوق المستطاع لنبقى هكذا وسط بيئة لا تعرف الرحمة .. لكنه دائما الدنس يسحقنا تحت الأقدام .. يصعب على الجميع أن يروك نقيا .. يدنسون مملكتك المقدسة … لتصبح منهم أو ربما أسوأ .. ” اتفق معك تماماً .

    ربما يكون المثال عن الدسك الا انه اعمق بكثير من هذه القصة .

    سلامي لك .

    أوت 5, 2009 عند 2:28 ص

  2. حسناً أيتها
    (( الساحرة الصغيرة ))
    هذا على ما اعتبره (( إدمان )) لكل من هم في اعمارنا ~~
    استمتعت كتيــراً و أنا أقرأ تدونتك هذه ~~ حظ سعيد في السنة القادمة بإذن الله بطاولة نظيفة خالية من (( الهلوسات ))
    تقبلي مروري عزيزتي و دمت في حفظ الرحمن

    أوت 5, 2009 عند 2:32 ص

  3. شوفي أنا بحب النظافة و الترتيب جداً ، ومافيش حد يقدر يقول إنه مرض نفسي أو هوس ….

    موقف مشابه حدث بس في البيت ، اخويا الصغير قعد على مكتبي ، وفي خلال وقت قياسي كان المكتب لوحة بالسبع ألوان ( هو في الواقع لون واحد بس … الازرق طبعاً ) ، يمكن لو عرفتي إني من يومها مش بقعد عليه أبداً هتقولي إنتا اللي مريض نفسي ، لكن هو كدا طبع مش أكتر …

    النقطة التالتة ، أنا متفق معاكي فيها ، لو كان حد هيشخبط ، كان لازم أكون أنا الشخص دا ، مش حد تاني

    بوست جميل

    سعيد بمروري من هنا

    في آمان الله

    رادار

    أوت 5, 2009 عند 5:01 ص

  4. مممممممممممممم

    مش عارف ليه إسلوبك بيفكرنى برفعت إسماعيل لو كنتى بتقرى ما وراء الطبيعه أكيد هتعرفيه

    بس تعرفى أنا مبسوط أوى إنك بقيت بوست جديد بعد فتره مش قليله من أخر مره كتبتى

    بس أنا عندى حل لمشكلتك دى

    لو عايزه الدسك نضيف قدامك حل من 2

    الأول إنك تدخلى مدرسه المستقبل المتاكامله للمرضى النفسيين

    مش عارف هى موجوده ولا لأ بس لو لقيتيها أكيد هتلاقى دسكات نضيفه (مع إنى مشفتش كده قبل كده)

    والتانى إنك تدرسى فى البيت بقى 😀

    وساعتها لو قفلتى أوضتك بالمفتاح يبقى فيه إحتمال كبير جدا الدسك يفضل نضيف

    نتكلم جد شويه بقى

    فعلا الواقع دلوقتى إن المجتمع ككل مبقاش فيه فرد خايف على مصلحة المجتمع ده

    ولا حتى خايف على مصلحة نفسه أو المحيطين بيه

    بدل ما الناس يبقى همها إنها تصلح من نفسها بقى همها إنها تبوظ اللى حواليها

    علشان ميبقاش حد أحسن من حد

    يعنى مثلا فى الوضع الطبيعي لو المجتمع ده سليم وعاقل

    كان المفروض زميلاتك يغيروا منك أو على الاٌل يتعلموا منك

    شايفين دسك نضيف

    يقلدوكى

    يحاولوا هما كمان يخلوا دسكاتهم نضيفه

    بس إحنا بقينا بنتسابق على الفشل والخراب

    مش على النجاح

    كان المفروض حتى يساعدوكى لو هما خلاص مبقاش ينفع يخلوا دسكاتهم نضيفه

    تبقى واحده نجحت إنها تحقق مرادها

    مش يخلوها زيهم وأسوأ كمان

    على العموم ربنا يعينيك

    بس تعرفى إيه هى أكبر مشكله

    إننا بنعيب على الناس و المجتمع على أساس إننا كاملين ومفيناش غلطه

    ولو دورنا جوانا هنلاقى العيب فينا إحنا

    فعلا “نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا”

    كان لازم إحنا اللى نحاول نصلح

    مش بعتب عليكى إنتى حاولتى قدر المستطاع

    بس فى الاخر ضعفتى

    كان ممكن تتبعى إسلوب تانى

    إنك تبقى عايزه تصلحى بجد

    تنصحى صحباتك ولو بطريقه غير مباشره

    عارف إن الكلام ممكن يبقى ساذج

    وممكن زميلاتك يضحكوا عليكى

    بس لو لاحظتى هما كدا كدا ضاحكين

    فيها إيه بقى لو كنا قلبنا الموضوع بمسابقه ظريفه

    ولتكن تحت مسمى أجمل دسك فى الفصل

    وتوضحى من المسابقه دى فكرتك من كون الدسك نضيف

    ويكون غرضك بيها الماصلحه العامه

    بس سورى يعنى فى الكلمه الثلاثه أسبباب اللى انتى قلتيهم يدلوا على شئ من الأنانيه

    او بلاش نسميها أنانيه

    بس ممكن تقولى إنها حاجه تبطل حقك فى إنك تعترضى

    إنتى فضلتى نفسك عليهم

    ده حقك

    بس كان ممكن تحاولى تصلحى منهم كمان

    انا عارف إنك أكيد مكنتيش تقصدى أنانيه

    بس أنا بتكلم على النقطه اللى قلتيها بعد كده

    “لسنا دائما السبب فيما يلحق بنا .. نحن نحاول قدر المستطاع أن نكون طاهرين .. أنقياء .. و نبذل مجهودا فوق المستطاع لنبقى هكذا وسط بيئة لا تعرف الرحمة .. لكنه دائما الدن يسحقنا تحت الأقدام .. يصعب على الجميع أن يروك نقيا .. يدنسون مملكتك المقدسة … لتصبح منهم أو ربما أسوأ .”

    طول ما إحنا بنحاول ننجوا بنفسنا بس عمرنا ما هننجوا

    الفرد للجميع والجميع للفرد

    حتى لو إنقرض المبدأ ده

    مش هنقدر برضه نكون أحسن طول ما إحنا فى مجتمع بايظ

    والمجتمع عمره ما هيبقى أحسن طول ما إحنا بايظين

    هما بيدنسوا لسببين

    الاول انه ميكنش فيه حد أحسن منهم

    والتانى انهم ميتحاسبوش على الغلط اللى هما فيه

    بمعنى لو كلنا وحشين

    يبقى محدش هيتحاسب

    لكن لو فيه واحد كويس

    أكيد الباقى دول هيتحاسبوا

    زى الثانويه العامه

    لو حد جاب مجموع عالى

    أكيد هيرفع التنسيق

    أرجوا إنى أكون وصلت وجهة نظرى

    وأنا مقصدش أى غلط والله

    انا بس حبيت أوضح نقطه مهمه كدا

    لازم كلنا ناخد بالنا منها

    بس فى الاخر موضوع جيد وطريقة طرح متميزه

    فى إنتظار الجديد

    أوت 5, 2009 عند 5:44 ص

  5. زكرتيني بموقف مرة صار معي لما كنت بتانية ثانوي..
    بتزكر أيامها تقاتلت مع بنت.. وخرمشنا بعض:S بتعرفي عشو تخانقنا؟؟
    على حكمة اليوم اللي كنا دايمن بنكتبها على السبورة.. كنت انا بدي أكتب بيت شعر.. وهية بدها تكبت هبل من هابايلها:D

    تحياتي..

    أوت 6, 2009 عند 6:07 ص

  6. استمتعت بحق بموضوعك ..
    أردتي أن تكوني كما تردين لكن من حولك
    يجهلك ويجهل تفكيركـ ..

    كل الود ..

    أوت 8, 2009 عند 3:25 م

  7. الساحره الصغيره:

    بصراحة أعدتني إلى أيام الدراسة

    كنت أفعل ماتفعليه وغالباً ما أفشل بعد بداية السنة بأسبوع أو اثنين

    وعندما أصاب بأحد نوبات (العناد) كنت أعود لتغليف (تجليد) الدرج من جديد

    وغالباً ما يصيبني الإحباط

    أحترم وجهة نظرك بالموضوع وأفهمها جيداً

    أوت 12, 2009 عند 5:36 ص

  8. الدسك ده مكتوب علية السيرة الذاتية لكل العباقرة الجالسين علية من ساعت ما النجار عملة واحتمال يكون النجار كتب اسمه علية اول واحد 🙂

    أوت 13, 2009 عند 4:42 م

أضف تعليق