لطالما كرهت منتهى الأشياء.. و رقصت دوما على السلالم ؛ لألا تفقد المعاني مرادفاتها

ماذا أصابك يا وطن ؟! للشاعر ( فاروق جويدة )


عمي فرج‏..‏

رجل بسيط الحال
لم يعرف من الأيام شـيئاً
غير صمت المتـعبـين
كنـا إذا اشـتدت ريـاح الشك بين يديه نـلتمس
اليقين‏..‏
كـنا إذا غـابت خـيوط الشـمس عن عينـيه شـيء في جوانحنـا يضل‏..‏

ويستكين
كنـا إذا حامت علي الأيام أسراب من اليأس الجسور نـراه كـنز
الحالمين‏..‏
كـم كـان يمسك ذقـنه البيضاء في ألم وينظـر في حقول القـمح والفئـران تـسكـر من دماء الكـادحين
عمي فـرج‏..

***
يوما تقلـب فـوق ظـهر الحزن أخـرج صفحة صفراء
إعلانا بـطـول الأرض يطلب في بـلاد النـفـط بعض
العاملين
همس الحزين وقـال في ألم‏:‏ أسافر‏..‏
كـيف يا الله أحتمل البعاد عن البنية‏..‏
والبنين ؟‏!

لم لا أحج‏..‏
فـهل أموت ولا أري خير البرية
أجمعين‏..
لم لا أسافر‏..‏
كلـها أوطـانـنـا‏..‏
ولأنـنـا في الهم شـرق‏..‏ بيننا نسب
ودين‏.
لـكنه وطـني الـذي أدمي فـؤادي من
·
سنين
ما عاد يذكرني‏..‏
نـساني‏..
كـل شيء فيك يامصر الحبـيبة سوف يـنسي بعد
حين‏..
أنا لـست أول عاشق نـسيته
هذي الأرض كم نـسيت ألوف
العاشقين‏..

***
عمي فرج‏‏
قـد حان ميعاد الرجوع إلي الوطـن
الكـل يصرخ فـوق أضواء السفينة
كـلـما اقـتـربت خيوط الضوء
عاودنا الشـجن…. أهواك يا وطني‏..‏
فلا الأحزان أنـستني هواك
ولا الزمن
عمي فرج‏..‏
وضع القميص علي يديه وصاح‏:‏
يا أحباب لا تتعجبوا
إني أشم عبير ماء النـيل فوق الباخره
هيا احملـوا عيني علي كفي
أكاد الآن ألمح كل مئذنة تطـوف علي رحاب القاهره‏..

هيا احملوني كـي أري وجه الوطـن‏..
دوت وراء الأفق فرقـعة
أطاحت بالقـلوب المستـكينه
والماء يفتـح ألف باب
والظـلام يدق أرجاء السفينه

غاصت جموع العائدين

تناثـرت في الليل صيحات حزينه

عمي فرج‏..

***
قـد قام يصرخ تـحت أشـلاء السـفينه
رجل عجوز في خريف العمر
من منكم يعينه
رجل عجوز ….
آه يا وطني أمد يدي نحوك ثم يقطعها الظـلام
وأظل أصرخ فيك‏:‏ أنقذنا‏..‏ حرام
وتسابق الموت الجبان‏..‏
واسودت الدنيا
وقـام الموت يروي
قصة البسطاء في زمن التـخاذل والتنـطـع والهوان‏..‏
وسحابة الموت الكـئيب تـلف أرجاء المكـان

***
عمي فرج‏..
بين الضحايا كان يغمض عينـه
والموج يحفر قبره بين الشـعاب‏.‏
وعلي يديه تـطل مسبحة
ويهمس في عتاب
الآن يا وطـني أعود إليك

تـوصد في عيوني كل باب
لم ضقـت يا وطني بـنـا
قد كـان حلـمي أن يزول الهم عني‏..
عند بابـك
قد كان حلمي أن أري قبري
علي أعتابـك
الملح كفـنني وكان الموج أرحم من عذابـك
ورجعت كـي أرتاح يوما في رحابك
وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك
فبخلت يوما بالسكن
والآن تبخـل بالكفـن

14 تعليق

  1. شعر رائع 🙂
    معبر 🙂

    جويلية 28, 2008 عند 9:39 م

  2. max13

    قصة البسطاء في زمن التـخاذل والتنـطـع والهوان‏..‏
    وسحابة الموت الكـئيب تـلف أرجاء المكـان

    فبخلت يوما بالسكن
    والآن تبخـل بالكفـن

    عمي فرج الله يلعن إلي فرج عن الظالم في ليله حزينه
    وبرا الديب من لحم الغنيمه
    عمي فرج
    نحنا العرب مكتوب علينا
    دمنا منا انسلب
    روحنا ما تساوي العتب
    عمي فرج ربي يرحم مين مات معاك
    ويرحم تراب جدودك
    لا بد انو القيد ينكسر لا بد يوم ناخد بتار من فيك جحد .

    جويلية 28, 2008 عند 9:45 م

  3. مؤثر بقوة ورائع فقد جمع بين حرقة الحزن وروعة التصوير والتعبير 🙂

    الموضوع جرح الشعب المصري عامة جرح لن يلتئم بسهولة ابداً…!

    جويلية 28, 2008 عند 10:06 م

  4. radar

    احدهم قال …
    من ليس له وطن ..
    في الثرى ليس له ضريح .
    —-
    ببساطة جرب أن تغير السرير الذي تنام عليه في أحد الليالي ، لاتتوقع أن تجد الراحة ، فكيف إذا قمنا بتغيير الوطن .. ؟؟؟!!!

    القصيدة جميلة ومؤثر لأبعد حد

    في آمان الله

    رادار

    جويلية 29, 2008 عند 3:45 م

  5. أعتقد أن عمي فرج قد ذهب هدراً هو ومن معه
    http://www.abna2masr.com/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=1467&Itemid=9

    جويلية 30, 2008 عند 8:08 ص

  6. الأخت الفاضلة : الساحرة الصغيرة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أحسنت أختى الاختيار قصيدة رائعة لشاعر أكثر من رائع
    سخر موهبته وكل ماأوتى من إبداع من أجل وطنه وقضاياه

    إنه شاعر فوق العادة
    بارك الله فيك وأعزك
    أخوك
    محمد

    جويلية 30, 2008 عند 6:47 م

  7. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الاخت العزيزه بارك الله فيك في اختيارك هذه القصيده للشاعر المبدع
    (فاروق جويده) لما فيها من كلمات مؤثره ومقدره واسعه في التعبير والوصف

    تقبلي مروري
    تحياتي

    جويلية 31, 2008 عند 5:51 ص

  8. روووووعة الأبيات
    جدا جدا أعجبتني
    اختيار يدل على روعة ذوقك حبيبتي
    تحيتي لكـ ^.^

    جويلية 31, 2008 عند 10:46 م

  9. كم أحب شعر فاروق جويدة

    وكأنها كلمات خرجت من أزقة الحزن إلينا ..

    معبقٌ بالألم .. والجرح

    شكراً لنقلك أيتها الراقية 🙂

    أوت 1, 2008 عند 12:30 م

  10. رووووعة رووووعة . نص جميل فعلاً .
    شكراً ..

    أدهم .

    أوت 1, 2008 عند 7:26 م

  11. السلام عليكم

    جميلة جدا يااختي

    بارك الله فيكي

    أوت 2, 2008 عند 9:09 م

  12. وليد المصري ..

    من أكثر القصائد التي تظل تقرأها حتي تحفظها عن ظهر قلب من روعتها ..
    كلمات القصيدة رائعة ، وأعتبرها من أجمل القصائد التي كتبها فاروق جويدة ..
    تحياتي لكِ علي هذا الإختيار الموفق! ..
    وليد المصري ،،

    أوت 25, 2008 عند 7:58 م

  13. مصرى

    كلما قرات هذة القصيدة بكيت على عمى فرج وبكيت اكثر على من سيكون مصيرهم متلى عمى فرج وهم كثيرون من اولادى واحفادى رحم الله عمى فرج

    سبتمبر 18, 2008 عند 5:29 ص

  14. السلام عليكم
    قصدة جميلة جدا
    اتمني من كل من يمتلك السلطة والقدرة علي
    معاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم
    لا يتراجعة في مفاقلتهم

    فيفري 3, 2011 عند 10:59 ص

أضف تعليق